العمل بين الإنجاز والبناء المؤسسي

د. عبد العزيز بن عبد الله الخضيري
العمل يتطلب الإنجاز، هذه قاعدة لا يختلف عليها اثنان، سواء كان العمل حكوميا أو خاصا أو خيريا أو غيره من الأعمال العامة والخاصة، لكن مكمن الخطورة يكون عندما يرتكز هدف المؤسسة أو الجهاز على الإنجاز على حساب البناء المؤسسي للجهاز، بمعنى أن يحرص المسؤول الأول في الجهاز على تحقيق إنجاز العمل دون الحرص على توطين الكفاءات والتدريب والتأهيل وضمان تحقيق الاستقرار البشري في الجهاز والتحديث المستمر له.

عندما يكون التركيز على إنجاز العمل فقط فإن الأثر السلبي المستقبلي على المؤسسة أخطر؛ نظرا لضعف الاهتمام ببناء المؤسسة الداخلي، ويصبح العمل يرتكز على شخص واحد أو شخصين فقط، أو بمعنى آخر كما هو في لعبة الشطرنج يبقى الملك والجنود فقط ويختفي بقية أعوان الملك ومساعديه، ومكمن الخطورة هي عندما يغيب المسؤول الأول لأي سبب فإن المؤسسة أو الجهاز ينهار بالكامل ولا يجد العمل من يضمن له الاستقرار والاستمرار.

إن ثقافة الرجل الواحد في المؤسسة، خصوصا المؤسسات والأجهزة الحكومية، ثقافة تضعف من تطوير العمل ولا تحقق الانتماء للجهاز على أساس أن جميع العاملين في المؤسسة أو الجهاز لا دور ولا فكر لهم في تطوير عمل جهازهم، إنما ينحصر عطاؤهم ودورهم في الإنجاز اليومي، وربما يتحول إلى الإنجاز اليومي البسيط.

إن الاهتمام بالبناء المؤسسي الوظيفي والبشري مع التركيز على أهمية الإنجاز في المؤسسات الحكومية أصبح ضرورة يجب التركيز عليها والعمل على تطوير كل الأدوات التي تحقق ذلك، ومنها تطوير أدوات التدريب والتأهيل من خلال دعم برامج التدريب داخل المملكة وخارجها والتدريب على رأس العمل وعقد ورش العمل التي يشارك فيها مختلف منسوبي المؤسسة أو الجهاز وربما الأجهزة الأخرى، إضافة إلى تعزيز أدوات استقطاب الكفاءات وتوطينها في الأجهزة بدل هجرتها لتلك المؤسسات واتجاهها إلى قطاعات أخرى خارج القطاع الحكومي.

إن الاهتمام بالبناء المؤسسي وتعزيز المشاركة الفاعلة من مختلف منسوبي الجهاز ودعم أهمية تحقيق التدرج الوظيفي والإصرار على قيام كل مسؤول في الجهاز بدوره وعدم ارتباط كل الأعمال والإجراءات بشخص واحد فقط ستزيد من قدرة الجهاز على الاستمرار والاستقرار وتطوير الأداء وتحقيق الإنجاز، وهو ما يعرف باستدامة العمل ونجاحه.

إن البناء المؤسسي وتعزيز مشاركة الجميع في الأداء يزيد من القدرة الإنتاجية ويعظّم جودة وحسن الأداء ويقضي على السلبية التي نراها في أغلبية مؤسساتنا الحكومية، التي تكون في الغالب بسبب عدم إحساس بعض المسؤولين والموظفين في الجهاز بأنهم جزء منه ويطغي على بعضهم ثقافة ''مدور بعير عمه''، بمعنى أنه لا يهتم بالإدارة أو تطويرها أو سمعتها، بل العكس من ذلك تجد أغلبهم ضد عمل الإدارة ويحرصون على ذكرها بكل سوء وإبراز سلبياتها.

إن ضمان استمرار وتطوير عمل أي مؤسسة أو جهاز سواء في القطاع الحكومي أو غيره من قطاعات الدولة يعتمد بعد الله - سبحانه وتعالى - على تحقيق البناء المؤسسي للجهاز وتطوير إجراءاته وأنظمته واستقطاب الكفاءات وتدريب العاملين فيه ومشاركتهم في أغلبية القرارات والإجراءات التي تجعلهم جزءا من الجهاز وتضمن ولاءهم وانتماءهم له وحرصهم على تطويره وتعزيزهم سمعته الجيدة، وهذا الانتماء والولاء يزيد من حجم الإنجاز ويطور من نوعه ويعزز قوة ارتباط الجهاز بالأجهزة الأخرى.

كما أن الاهتمام بالتواصل والترابط بين مختلف الأجهزة التي تعمل في المجالات المشتركة وإيجاد أرضية لتعزيز العمل الجماعي ودعم الرقابة الإيجابية يساعد على تأطير العمل المؤسسي ويدفع نحو تعزيز البناء المؤسسي المنتج بين مختلف القطاعات الحكومية مثلا، والحال ينطبق على بقية قطاعات الدولة في مجالاتها المختلفة.

إن الاهتمام بالبناء المؤسسي يضمن - بعد توفيق الله - استمرار العمل وتطويره، ويحقق الاستدامة له ويعزز البناء المعرفي لمسؤولي ومنسوبي الجهاز ويقوي حسن الأداء وتطوير الأنظمة ومراقبة الأداء وإيجاد روح التعاون والعمل الجماعي المنظم المؤسسي.

وقفة تأمل

النصح أرخص ما باح الرجال فلا

تزدد على ناصح نصحا ولا تلم

إن النصائح لا تخفى مناهلها

على الرجال ذوي الألباب وال

فهم

شكرا اخي علىالموضوع الرائع

مشكور على الموضوع

» زوجي لا يصلي فما العمل؟
» ||| الرجل و إدمانه على العمل ||| للنقاش.